تقع مدينة مرباط في محافظة ظفار جنوب سلطنة عُمان، وتعد من أقدم وأهم المدن الساحلية المطلة على بحر العرب. تبعد حوالي 76 كيلومترًا شرق مدينة صلالة، وتمثل نموذجًا حيًا للتاريخ العُماني البحري والثقافي. لُقّبت مرباط بـ”المدينة المرفأ”، وكانت على مدى قرون محطة رئيسة للقوافل التجارية والسفن، حيث لعبت دورًا محوريًا في التجارة الإقليمية والدولية، وخاصة تجارة اللبان، الذي كان يُصدر من مينائها إلى الهند والصين وشبه الجزيرة العربية.

تتمتع مرباط بجمال طبيعي ساحر، إذ تتداخل فيها الجبال مع الوديان والشواطئ الرملية البيضاء، ويُعد وادي دربات من أبرز معالمها الطبيعية، إلى جانب محمية جبل سمحان التي تحتضن النمر العربي النادر. تميزت مرباط كذلك بخصوبة أرضها ووفرة المياه في بعض مواسم السنة، مما ساعد على قيام الزراعة والرعي إلى جانب الصيد البحري.

على مر العصور، كانت مرباط مركزًا للحكم، ومقرًا للأسرة المنجوية في القرن الخامس والسادس الهجريين، كما كانت عاصمة لإقليم ظفار قبل بروز مدينة صلالة. وذكرت في كتابات جغرافيين عرب مثل ياقوت الحموي الذي وصفها بأنها “مدينة مفردة بين حضرموت وعُمان، ولها مرسى جيد كثير الذكر على أفواه التجار”.

تمتاز مرباط بهويتها الثقافية الغنية التي تتجلى في فنونها التقليدية مثل البرعة والميدان واللانزيه، وفي حرفها اليدوية كصناعة السفن والمباخر والخناجر. كما أن للمرأة المرباطية دورًا فاعلًا في الحفاظ على هذه الحرف، والمشاركة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

مرباط اليوم تمثل توازنًا جميلًا بين الماضي والحاضر، حيث لا تزال أسواقها، ومبانيها التقليدية، وحصنها الشهير، تروي حكايات الأجيال، في الوقت الذي تستقبل فيه الزوار لتعرفهم على تراثها وموروثها الثقافي والطبيعي. إنها مدينة تستحق الزيارة لاكتشاف عبق التاريخ وسحر الطبيعة وروح الإنسان العُماني الأصيل.